ترسيخا لقيم العيش
الديني والسلام بين الديانات يقدم عدد من الشباب المسيحي رسالةً تحمل معاني المحبة
والإخاء لأقرانهم المسلمين الصائمين في شهر رمضان الفضيل، فمنذ إطلالة هذا الشهر
قبل ثمانية أيام تطل علينا الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية بأخبار عن هؤلاء
الشبان المسيحيين الذين نذروا أنفسهم ووقتهم وجهدهم لخدمة الصائمون الذين تأخروا
عن موائد إفطارهم ليقوموا بتوزيع الماء والتمر على مفترق الطرقات والإشارات
الضوئية.
إن مدلولات هذه الأعمال
الأخوية تشير إلى عمق مفاهيم العيش الديني وتقبل الآخر لدى شباب الوطن ونزع كل ما
من شأنه تعكير صفو العلاقات القائمة بين الديانتين المسيحية والإسلامية، فعلى
الرغم أن هؤلاء المتطوعون المسيحيون لا يلتقون بالدين مع المسلمين ألا أنهم يلتقون
بالوطنية والإنسانية. لذا يعتبر ما يقدمه هؤلاء رسالةً واضحة للعالم أجمع بأن المسيحيين
أصحاب رسالة محبة وسلامٍ وتآخي لإخوتهم المسلمين. ليس هذا فحسب فرسالةٌ هامة أخرى
مفادها أن الأردنيين على اختلاف معتقداتهم هم سواء في السراء والضراء، فلا فرق بين
مسيحي ومسلم على أرض الهاشميين الذين كفلوا هذا التساوي فيما بين أبناء الوطن لا
بل وعززوا مفاهيم العيش الديني من خلال رسالة عمان.
ومن خلال ما يقدمه
هؤلاء أيضاً فإن الطريق تبدو ضيقة جداً وغير نافذة لمحاولات بث روح الفتنة واللعب
على وتر الطائفية وتعكير علاقات المحبة والتسامح بين المسيحيين والمسلمين، وهذا ما
علينا تعزيزه في حياتنا، خاصةً في ظل ما يعصف بالمنطقة من حركاتٍ وتنظيماتٍ
وجماعاتٍ لا أسميها إسلامية لئلا أشوه صورة الإسلام الحقيقي الداعي إلى المحبة
والسلام والرحمة.
لا يقتصر الدور
المسيحي في رمضان على تطوع هؤلاء الشبان لتقديم الماء والتمر للصائمين، فلقد تعدى
ذلك إلى قيام العديد من المؤسسات والهيئات الدينية بإعداد موائد الإفطار الرمضانية
كمركز سيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة والجمعية الخيرية الأرثوذكسية وغيرها
تعبيراً عن تلاحم المسيحيين مع إخوتهم المسلمين في شهرهم الأقدس.
ولعل تقدير المسيحيين
لمشاعر إخوانهم المسلمين الصائمين بحفاظهم على حرمة الشهر الفضيل خير دليل يلمسه
كل مسلم لعمق علاقات المحبة والإخاء فيما بينهم، فكيف لا يكون هكذا الحال ونحن
نتناثر مسلمين ومسيحيين في كافة أرجاء الوطن لتجد منزلاً لمسيحيي يجاوره آخر لمسلم
يعيشون بكل سلام وهدوء وطمأنينة ويشتركون في لقمة العيش والفرح والحزن دون النظر
إلى الانتماءات العقائدية، فالدين لله والوطن للجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمني ( مجرد رأي )