27‏/07‏/2014

هشاشة الموقف العربي تجاه غزة

منصور سامي الريحاني - لعل مشاهد حرب غزة 2014 تقودنا إلى التغيير في أنماط تفكيرنا بالعروبة ومشروع الوحدة العربية المرتجى، حيث أثبتت السياسات العربية تخاذلها إزاء القضية الفلسطينية لدرجة أن المواطن العربي فقد الثقة بعروبته لا بل تعدى ذلك الأمر ليفقد الثقة في إنسانيته التي بات يرى أنها مجرد سلعة رخيصة تساوم عليها حكوماتهم لرأب تصدعات سياساتهم وفشل مخططاتهم في قيادة دولهم وتحقيق حياة أفضل للمواطن العربي.

فمنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة قبل ثلاثة أسابيع تباينت ردود الفعل الدولية والعربية لما يجري في قطاع غزة فمنها ما جاء مؤيد لإسرائيل وأفعالها باعتبار أنها تدافع عن نفسها من بطش صواريخ حركة حماس التي وصلت لأول مرة في تاريخ مقاومتها إلى القدس وتل أبيب، وردود أفعال أخرى جاءت معارضة لإسرائيل وعدوانها على قطاع غزة.

لعل ما يؤلم بحق تلك هي ردود الفعل المعارضة للعدوان الإسرائيلي على غزة حيث أننا لم نرى سوى بيانات شجب واستنكار لا أكثر ولا تتعدى في فحواها أن تكون حبر على ورق لا تقدم ولا تؤخر. فشعب غزة لا يحتاج إلى صف كلمات وصياغة جذابة للبيانات لمعارضة إسرائيل فهذا الأمر لا يحمي الفلسطينيين من هول القصف والعنف والتدمير ولا يضمن الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وأمنهم الاجتماعي.

لا يحتاج الفلسطينيون أن يطل عليهم في الأيام القليلة القادمة وزراء خارجية الدول العربية وجامعة الدول العربية في مؤتمراً لإعادة إعمار غزة، وليعلم الجميع أنهم على استعداد أن يتخذوا من الخيام مسكنا لهم مقابل حقن دمائهم ودماء أبنائهم والعيش براحة البال.

إن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني من الدول العربية يتعدى الخطابات والبيانات إلى مرحلة قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل وطرد سفرائها من أراضيهم واتخاذ خطوه للأمام نحو إنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع والاندثار بين أقدام ما يسمى بالربيع العربي الفاشل خاصةً أن من يدفع ضريبة الصمت العربي هم المدنيين من أبناء قطاع غزة من رجال ونساء وأطفال حيث لا تفرق آليات الحرب الإسرائيلية بين أحد.


إن حركة حماس اليوم تقدم للفلسطينيين ما لم تستطيع الدول العربية تقديمه، لا بل احتلت في مقاومتها للعدوان الإسرائيلي مكانة مرموقة في دول العالم حيث أدركت تلك الدول أن هناك على الأرض من يستطيع الوقوف بوجه إسرائيل، فيكفيها فخراً أن ضرباتها وصلت إلى ما لم يكن متوقعاً حيث مطار بن غوريون وأهداف هامة في تل أبيب وعلى أثرها أصيبت حركة الملاحة الجوية الإسرائيلية بالشلل من كبرى شركات الطيران التي علقت رحلاتها جراء الأوضاع السائدة. فهذا بحق انتصارا عظيم.


مجرد رأي بفلم منصور الريحاني

20‏/07‏/2014

الدور الإسلامي لحماية مسيحيي الموصل

لم يشهد المسيحيين في التاريخ البشري الحديث هجمةً شرسة كما يشهدها مسيحيي الموصل في العراق حيث دُمرت كنائسهم وأُضرم فيها النار وسُلبت أموالهم وممتلكاتهم وانتُهكت أعراضهم وأُجبِروا على مغادرة أرضهم التي عانقوا ترابها منذ مئات السنين .. إنها بحق هجمة بربرية قذرة من قِبل ما يسمى دولة الخلافة الإسلامية لن يغفرها التاريخ.

الأشد غرابة في الأمر أن العالم الإسلامي لم يبدي تعاطفاً إزاء ما يحدث للمسيحيين في الموصل من مجازر وإرهاب حقيقي تعدى في حقيقته كل القيم الإنسانية والقيم الدينية التي تدعو إليها الأديان، على الرغم من أن داعش المرتزقة تبرر أعمالها بغطاء إسلامي متشدد، وهذا ما يضر بالإسلام ويقود إلى تشويه صورته التي لم تكن في يوماً ما أداةً للقتل والسلب وانتهاك الأعراض.

لماذا لا يقف المسلمون وقِفة عزٍ وكرامة في الميادين والساحات العامة ليعبِّروا عن رفضهم لما تقوم به داعش باسم الإسلام ؟ لماذا لا تُعبر الحكومات العربية والإسلامية عن إدانتها للأعمال الوحشية التي تستهدف المسيحيين في العراق ؟ هل أن الأمر لا يعني أحداً أم أن الجميع أصبح رهينةً لفكر داعش وفكر السياط والرجم وجهاد النكاح.

لنتصور ما يحدث في العالم بسيناريو مقلوب ؛ ماذا لو أن متطرفين غربيين في أحد الدول الأوروبية قام بقتل مسلم واحد لأجل إسلامه عقيدته، هل ستبقى ميادين الدول العربية والإسلامية خالية، أم أنها ستشهد زحف المئات بل الآلاف من المسلمين ليعبروا عن رفضهم واستنكارهم لهذا العمل الجبان. وماذا لو تدخلت أحد الدول الأوروبية في ظل هذه المرحلة الراهنة لحماية المسيحيين في العراق وسوريا وأخذت تقتل كل من يتعدى عليهم. لماذا ما زلنا ننظر لبعضنا البعض من منظور العقيدة فقط .. أليس هناك وحدةً في المصير؟؟

إن ما تقوم به داعش هو أشد فظاعة وإرهاباً من ما تقوم به إسرائيل على أرض فلسطين العربية، ومع ذلك فإن العالم بأسره بمسلميه ومسيحييه يتعاطف مع الفلسطينيين على الرغم أن شدة الجرائم التي تقوم بها إسرائيل هي أخف وطئاً من تلك التي تقوم بها داعش في أرض العراق وسوريا. ومع ذلك نناهض إسرائيل وبشاعة احتلالها وجرائمها اللا إنسانية في كل يوم وفي كل ساعة.


من هنا لا بد أن تكون هناك وقِفة حقيقية للدفاع عن الإسلام فهذه الجرائم ليست من صفات الإسلام الذي ينادي بالسلام والتسامح والتآخي في العالم أجمع. على الحكومات العربية والإسلامية وكذلك كافة المنظمات والمؤسسات الإسلامية في العالم أن تبرهن أن هذه الفئة خارجة عن القانون وتعاليم الإسلام الحقيقة والتصدي لها بكل قوة فالمرحلة لا تتطلب بياناتٍ واستنكارات ومراقبة عن بعد لأن هذا الفكر الداعشي ينخر في مجتمعاتنا كالسوس ويمتد كالخلايا السرطانية القاتلة، تلك المجتمعات التي أقصد يعيش بها المسلمون والمسيحيون على السواء بكل محبة وتآخي ومصيرهم مشترك، فالدواعش المرتزقة لا تفرق بين مسلم ومسيحي بقدر ما تفرق بين الانتماء لها، فمن ليس معها فهو عليها وهو بلا محالة كافر لا حق له بالحياة.

مجرد رأي بقلم منصور الريحاني

13‏/07‏/2014

التسول .. من ظاهرة إلى مهنة

ازداد في الآونة الأخيرة انتشار المتسولين على مفترقات الطرق والإشارات الضوئية، وبات الأمر مقلقاً من الناحية الاجتماعية لما يسببه هؤلاء المتسولين من تشويه للمظهر العام إضافةً لإرباك الحركة المرورية في الشوارع.

للمواطنين دور كبير في إرساء قاعدة لهؤلاء المتسولين الذين أصبح التسول مهنة رئيسية لهم لما تدر عليهم من دخل كبير جداً بأقل جهد ممكن من خلال استجداء مشاعر المواطنين والتأثير عليهم في عواطفهم والتصدق عليهم بالمال.

ربما يجهل المواطنون أن المتسولين أصبحوا يعملون ضمن جماعات منظمة تعمل بحرفيه عالية كأي مهنه أخرى وضمن دراسات نفسية للتأثير على مشاعر الغير، لا بل تعدى ذلك الأمر إلى تأمين هؤلاء بفرق خاصة لحمايتهم من ملاحقات موظفي مديرية مكافحة التسول التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية. وهذا كله يعد بيئة خصبة لولادة المجرمين وامتهان الدعارة وترويج المخدرات وقتل براءة الطفولة الذين غالباً ما يجندونهم لهذه الغاية.

من هنا لا بد أن يتم التركيز على أن التسول لم يعد ظاهرة اجتماعية فقط، وإنما يجب العمل على تجريم هذه الظاهرة وتولية ملاحقة المتسولين للأجهزة الأمنية مع استثناء دور وزارة التنمية الاجتماعية لملاحقتهم، إذ أثبتت الوزارة أن قدرتها ضعيفة جداً إزاء القضاء على هذه الظاهرة حيث أنها تزداد يوماً تلو الآخر، لا بل أصبح للتسول فنونه الخاصة لاستغلال المواطنين.

وبناءً عليه فإن على مجلس النواب اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحيلولة دون انتشار تلك الظاهرة بشكل اكبر والعمل على تشريع قانون للقضاء عليها من خلال إسناد تلك المهمة للأجهزة الأمنية والقضاء الأردني وبشكل صارم واعتبار التسول جريمة اجتماعية يعاقب عليها القانون بعقوباتٍ رادعة وعدم التهاون في ذلك.

كما أن المواطنين عليهم أن يلتزموا بدورهم الوطني للقضاء على تلك الظاهرة من خلال عدم إعطاء هؤلاء المتسولين أية مبالغ مالية وعدم التعاطف معهم البتة لما يشكله هؤلاء من خطورة قد تتعدى اٍستجدائهم للمواطنين طلباً للمال إلى الفرض عليهم بشتى الوسائل لنيل ما يريدون.


مجرد رأي بقلم منصور الريحاني

06‏/07‏/2014

التآخي الإسلامي المسيحي في رمضان

ترسيخا لقيم العيش الديني والسلام بين الديانات يقدم عدد من الشباب المسيحي رسالةً تحمل معاني المحبة والإخاء لأقرانهم المسلمين الصائمين في شهر رمضان الفضيل، فمنذ إطلالة هذا الشهر قبل ثمانية أيام تطل علينا الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية بأخبار عن هؤلاء الشبان المسيحيين الذين نذروا أنفسهم ووقتهم وجهدهم لخدمة الصائمون الذين تأخروا عن موائد إفطارهم ليقوموا بتوزيع الماء والتمر على مفترق الطرقات والإشارات الضوئية.

إن مدلولات هذه الأعمال الأخوية تشير إلى عمق مفاهيم العيش الديني وتقبل الآخر لدى شباب الوطن ونزع كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقات القائمة بين الديانتين المسيحية والإسلامية، فعلى الرغم أن هؤلاء المتطوعون المسيحيون لا يلتقون بالدين مع المسلمين ألا أنهم يلتقون بالوطنية والإنسانية. لذا يعتبر ما يقدمه هؤلاء رسالةً واضحة للعالم أجمع بأن المسيحيين أصحاب رسالة محبة وسلامٍ وتآخي لإخوتهم المسلمين. ليس هذا فحسب فرسالةٌ هامة أخرى مفادها أن الأردنيين على اختلاف معتقداتهم هم سواء في السراء والضراء، فلا فرق بين مسيحي ومسلم على أرض الهاشميين الذين كفلوا هذا التساوي فيما بين أبناء الوطن لا بل وعززوا مفاهيم العيش الديني من خلال رسالة عمان.

ومن خلال ما يقدمه هؤلاء أيضاً فإن الطريق تبدو ضيقة جداً وغير نافذة لمحاولات بث روح الفتنة واللعب على وتر الطائفية وتعكير علاقات المحبة والتسامح بين المسيحيين والمسلمين، وهذا ما علينا تعزيزه في حياتنا، خاصةً في ظل ما يعصف بالمنطقة من حركاتٍ وتنظيماتٍ وجماعاتٍ لا أسميها إسلامية لئلا أشوه صورة الإسلام الحقيقي الداعي إلى المحبة والسلام والرحمة.

لا يقتصر الدور المسيحي في رمضان على تطوع هؤلاء الشبان لتقديم الماء والتمر للصائمين، فلقد تعدى ذلك إلى قيام العديد من المؤسسات والهيئات الدينية بإعداد موائد الإفطار الرمضانية كمركز سيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة والجمعية الخيرية الأرثوذكسية وغيرها تعبيراً عن تلاحم المسيحيين مع إخوتهم المسلمين في شهرهم الأقدس.

ولعل تقدير المسيحيين لمشاعر إخوانهم المسلمين الصائمين بحفاظهم على حرمة الشهر الفضيل خير دليل يلمسه كل مسلم لعمق علاقات المحبة والإخاء فيما بينهم، فكيف لا يكون هكذا الحال ونحن نتناثر مسلمين ومسيحيين في كافة أرجاء الوطن لتجد منزلاً لمسيحيي يجاوره آخر لمسلم يعيشون بكل سلام وهدوء وطمأنينة ويشتركون في لقمة العيش والفرح والحزن دون النظر إلى الانتماءات العقائدية، فالدين لله والوطن للجميع.


مجرد رأي بقلم منصور الريحاني