22‏/06‏/2014

تعريب الكنيسة الأرثوذكسية .. إلى أين ؟ / الجزء الأول

بات ملفتاً للنظر ما يقوم به ثلةٌ من الأرثوذكسيين من إعتصاماتٍ ووقفاتٍ إحتجاجية ضد سياسة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث تُجاه الكنيسة ورعيتها، وما هذه الإعتصامات والإحتجاجات إلا ضرباً من هزل وصنفاً من صنوف تقسيم الكنيسة الأورشليمية وتدمير كيانها.
إن دواعي تعريب الكنيسة الأرثوذكسية ما هي إلا دواعٍ شخصية بلا أدنى شك يلتف حولها بضع مئاتٍ من أبناء الرعية في حين أن تعداد رعية الكرسي الأورشليمي يقارب نصف مليون مؤمن. وبالتالي هؤلاء القلة القليلة لا يعبرون عن إرادة أبناء الرعية ككل وعلى هذا فإن ما يطالبون به من تعريب الكنيسة وعزل غبطة البطريرك من منصبه لا يعتبر مطلباً شعبياً لأبناء الرعية.
علاوةً على ذلك فإن الكنيسة الأرثوذكسية على مر التاريخ لم تكن عربية الأصل حتى ننعت رئاستها ورهبانها "بالمستعمرين اليونانيين"، واعلموا كل العلم أن الكنيسة بحسب الكتاب المقدس هي جماعة المؤمنين، ولا يستقيم أن نحددها بإطارٍ قومي وهنا لا بد من أن أذكر بقول القديس بولس الرسول في رسالته الى أهل غلاطية في الأصحاح الثالث "26 لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع 27 لأن كلكم الذين إعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح 28 ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع 29 فإن كنتم للمسيح، فأنتم إذاً نسل إبراهيم، وحسب الموعد ورثة"
أن كان دعاة التعريب يسعون إلى تعريب الكنيسة الأرثوذكسية من الهيمنة اليونانية "كما يدعون"، عليهم أن يتخلوا عن الكثير الكثير من القديسين من أصولٍ غير عربية وألا يتخذوا منهم شفعاء لهم، ويزجوا بكتاباتهم وتعاليم خارج الكنائس، وعليهم أن يستبدلوا أيقوناتهم بأخرى لقديسين عرب، كذلك يتوجب رفض العمل بقرارات المجامع المسكونية التي ترأسها قديسين يونانيين أو رومانيين، ليس هذا فحسب فعليهم أيضاً أن يتخلوا عن الفصول الإنجلية التي كتبت بغير العربية وأن لا ينطق لسانهم باليونانية قط. ليجعلوا من كنيستهم التي يريدون "كنيسةً عربية خالصة".
إن ما يطالب به هؤلاء القله من إصلاحات رعوية لا نختلف معهم بها ونقف إلى جانبهم، فلا ننكر أن هناك عزوف رعوي من قبل رئاسة الكنيسة بحق أبناء الرعية وهذا أمراً منفصلاً نتحدث عنه لاحقاً لا يستدعي المطالبة بطمس هوية الكنيسة المقدسة ومحو تراثها البيزنطي والسعي الى تعريب رئاستها. فبدلا من هذه المطالبات الهدامه ماذا لو إستثمروا وقفاتهم الإحتجاجية وتكاليف إعتصاماتهم في العمل لخدمة الكنيسة.
لقد بات من المؤكد أن هناك دوافع شخصية للبعض تدور حولها تلك المطالبات بهدف الوصول الى كرسي أورشليم، فما وصل إليه الحال يعتبر مُخجل بحق. لذا علينا أن ننظر الى الكنيسة بأنها كنيسة المسيح وأن رئاستها ورهبانها وكهنتها هم خدام للكنيسة بسر الكهنوت لا بحسب قومياتهم الأرضية، وعلى الجميع أن يدرك أن الكنيسة الأرثوذكسية ذات تراثٍ بيزنطي نعتز به ونفتخر لا يمكن للقاصي او الداني أن يعبث فيه ويحاول طمسه من حياتنا الأرثوذكسية.

مجرد رأي بقلم منصور الريحاني
شعار الإمبراطورية البيزنطية


هناك تعليقان (2):

  1. غريب ان يكون رايك هكذا بينما في مقال الاخير كنت اكثر اهتماما باتخاذ موقف صارم بصراحة التعريب ليس هو المقصود والامر ليس مصالح شخصية بالذات انظر فقط للكنيسة الانطاكية هل خلعت تراثها البينزطي اليست افضل حالا منا لذلك انت لا تعلم ربما اسالب تمارس في البطركية ضد رعيتها واستخفاف اليونان بنا مع ذلك لال يهم العرق ما دام هناك حقا خدمة صحيحة ولكن يا حسرتي

    ردحذف
  2. وهل بطريركية انطاكيا تخلت عن التراث البيزنطي او عن القديسين والمجامع المسكونيه لا بل بدات في الازدهار عندما عربت الكنيسه واصبحت بطريركيه لها وزنها بين البطريركيات لديها المعاهد اللاهوتيه والمستشفيات ويكفيها فخرا في جوقات الترتيل الموجوده في كل كنيسه

    ردحذف

رأيك يهمني ( مجرد رأي )