29‏/06‏/2014

تعريب الكنيسة الأرثوذكسية .. إلى أين ؟ / الجزء الثاني

استكمالاً لما بدأت به الحديث في مقالتي هذه في جزئها الأول وانطلاقا من شهادتي بأن هناك عزوف رعوي من قبل رئاسة الكنيسة بحق أبناء الرعية لا يختلف بشأنه الأرثوذكسيون. من هنا فإن من حق أبناء الكنيسة المطالبة بالرعاية الروحية من خلال العمل الحقيقي في الكنيسة. وللعلم فإن العمل والنهضة ليست محصورة في مطالبات ما يسمون أنفسهم "الرعية العربية الأرثوذكسية" فالعمل والنهضة في الكنيسة ينبع من ذات كل فرد مسيحي يؤمن بأن الإيمان دون أعمال هو إيمان ميت كما يقول الكتاب "هكذا الإيمان أيضا، إن لم يكن له أعمال، ميت في ذاته" يع 17:2

إن المطالب التي تبناها "دعاة التعريب" لا تنم بشكل كافٍ عن نهضة روحية حقيقية لأن فحواها مناصب وكراسي بقدرٍ أكبر من نهضة روحية منتظرة؛ فوجود أبرشيات أو عدم وجودها لا يعيق النهوض بأنفسنا وبروحانيتنا، فالغاية منها لا شك استحداث منصب جديد للعمل بشكل مستقل عن إدارة البطريركية ككل. أما أن نطالب باعتراف البطريرك والمجمع المقدس بدير دبين، هذا من شأنه الارتقاء بالحياة الروحية والنهوض بها دون أدنى شك. ولكن يبقى السؤال: كيف للبطريرك والمجمع المقدس أن يعترفوا بهذا الدير الذي حاز على بركة البطريرك ذيوذوروس الأول عام 1999 عندما تشرف غبطته بوضع حجر الأساس للدير وقد حوِّل هذا الدير إلى مقر لشن هجمة غير مسبوقة للعبث في صفوف الكنيسة المقدسة ومحاولة زرع الفتنة بين أبنائها من خلال اللعب على وتر القومية العربية والهيمنة اليونانية، وتحويله إلى مقر لمقابلات وبيانات وإرشادات قادة هذه الحملة التشويهية.

أما فيما يتعلق  بالمحافظة على الأوقاف والمقدسات الأرثوذكسية وعدم التفريط بها فهذا واجب على كل مسيحي مؤمن بقدسية الأرض التي عاش فوق ثراها رب المجد وفاحت من بين ذرات ترابها نفحات القداسة، فإن ثبت أن البطريرك آو أعضاء المجمع المقدس قد أقدموا على ذلك، فإن القضاء عادل ونزيه ولا يمكن أن يتواطأ مع غبطة البطريرك مقابل أرض فلسطين على أن نقدم كافة البينات التي تثبت صحة ما نقول، وليعلم الجميع أن الإعتصامات والوقوف هنا وهناك لا يمكن أن يسترد أرضاً بيعت (إن حدث ذلك بالفعل) فالأردن بوصايته على المقدسات قادر على الوقوف بوجه الجميع إن بيعت أراضي البطريركية.

وما تبقى من مطالبات بسيامة رهبان لا أسميهم عرباً وإنما فلسطينيين وأردنيين وكذلك مطالبات شخصية للحفاظ على حقوق وامتيازات قدس الآباء الأجلاء موضوع الجدل سيادة المطران عطالله حنا والأب خريستوفوروس عطالله والأب ميلاتيوس بصل والأب أثناسيوس قاقيش فاعلموا أن ذلك الأمر لن يتحقق من خلال الإعتصامات والنهج الذي تسلكونه في طرحكم، فماذا يضيركم أن تنهجوا نهج المحبة والصلاة لتمتد يد الرب بما هو أفضل حيث يقول الكتاب "إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا" 1 كور 2:13

لننهض بأنفسنا قبل كل شيء لنستطيع أن ننهض بالرعية، لا تجعلوا عواطفكم تقودكم لتنفيذ مخططات أعدت مسبقاً حتى قبل اعتلاء البطريرك سدة الكرسي الأورشليمي بهدف التفرقة بين أبناء الرعية باسم الوطن والوطنية، وليلتف الجميع حول راياتهم الرومية .. راية الأصل والانتماء، راية العراقة والتاريخ لئلا نجد يوماً أنفسنا دون راية وليس لنا في الأرض موضع قدم.

مجرد رأي بقلم منصور الريحاني

22‏/06‏/2014

تعريب الكنيسة الأرثوذكسية .. إلى أين ؟ / الجزء الأول

بات ملفتاً للنظر ما يقوم به ثلةٌ من الأرثوذكسيين من إعتصاماتٍ ووقفاتٍ إحتجاجية ضد سياسة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث تُجاه الكنيسة ورعيتها، وما هذه الإعتصامات والإحتجاجات إلا ضرباً من هزل وصنفاً من صنوف تقسيم الكنيسة الأورشليمية وتدمير كيانها.
إن دواعي تعريب الكنيسة الأرثوذكسية ما هي إلا دواعٍ شخصية بلا أدنى شك يلتف حولها بضع مئاتٍ من أبناء الرعية في حين أن تعداد رعية الكرسي الأورشليمي يقارب نصف مليون مؤمن. وبالتالي هؤلاء القلة القليلة لا يعبرون عن إرادة أبناء الرعية ككل وعلى هذا فإن ما يطالبون به من تعريب الكنيسة وعزل غبطة البطريرك من منصبه لا يعتبر مطلباً شعبياً لأبناء الرعية.
علاوةً على ذلك فإن الكنيسة الأرثوذكسية على مر التاريخ لم تكن عربية الأصل حتى ننعت رئاستها ورهبانها "بالمستعمرين اليونانيين"، واعلموا كل العلم أن الكنيسة بحسب الكتاب المقدس هي جماعة المؤمنين، ولا يستقيم أن نحددها بإطارٍ قومي وهنا لا بد من أن أذكر بقول القديس بولس الرسول في رسالته الى أهل غلاطية في الأصحاح الثالث "26 لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع 27 لأن كلكم الذين إعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح 28 ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع 29 فإن كنتم للمسيح، فأنتم إذاً نسل إبراهيم، وحسب الموعد ورثة"
أن كان دعاة التعريب يسعون إلى تعريب الكنيسة الأرثوذكسية من الهيمنة اليونانية "كما يدعون"، عليهم أن يتخلوا عن الكثير الكثير من القديسين من أصولٍ غير عربية وألا يتخذوا منهم شفعاء لهم، ويزجوا بكتاباتهم وتعاليم خارج الكنائس، وعليهم أن يستبدلوا أيقوناتهم بأخرى لقديسين عرب، كذلك يتوجب رفض العمل بقرارات المجامع المسكونية التي ترأسها قديسين يونانيين أو رومانيين، ليس هذا فحسب فعليهم أيضاً أن يتخلوا عن الفصول الإنجلية التي كتبت بغير العربية وأن لا ينطق لسانهم باليونانية قط. ليجعلوا من كنيستهم التي يريدون "كنيسةً عربية خالصة".
إن ما يطالب به هؤلاء القله من إصلاحات رعوية لا نختلف معهم بها ونقف إلى جانبهم، فلا ننكر أن هناك عزوف رعوي من قبل رئاسة الكنيسة بحق أبناء الرعية وهذا أمراً منفصلاً نتحدث عنه لاحقاً لا يستدعي المطالبة بطمس هوية الكنيسة المقدسة ومحو تراثها البيزنطي والسعي الى تعريب رئاستها. فبدلا من هذه المطالبات الهدامه ماذا لو إستثمروا وقفاتهم الإحتجاجية وتكاليف إعتصاماتهم في العمل لخدمة الكنيسة.
لقد بات من المؤكد أن هناك دوافع شخصية للبعض تدور حولها تلك المطالبات بهدف الوصول الى كرسي أورشليم، فما وصل إليه الحال يعتبر مُخجل بحق. لذا علينا أن ننظر الى الكنيسة بأنها كنيسة المسيح وأن رئاستها ورهبانها وكهنتها هم خدام للكنيسة بسر الكهنوت لا بحسب قومياتهم الأرضية، وعلى الجميع أن يدرك أن الكنيسة الأرثوذكسية ذات تراثٍ بيزنطي نعتز به ونفتخر لا يمكن للقاصي او الداني أن يعبث فيه ويحاول طمسه من حياتنا الأرثوذكسية.

مجرد رأي بقلم منصور الريحاني
شعار الإمبراطورية البيزنطية


08‏/06‏/2014

الأردن يغرق في دماء ابنائه

لوحظ في الأونة الخيرة تزايد حالات الإنتحار وجرائم القتل في المملكة بمعدلاتٍ غير مسبوقة، وللأسف الشديد أن ضحايا تلك الحالات هم أشخاص في ريعان الشباب من الذكور والإناث.

ولعل هناك من الأسباب ما يكفل لهؤلاء إلى إرتكاب مثل تلك الحالات التي يُهلكون بها أنفسهم، لذا يجدر بنا أن نحاول أن نقف عند تلك الدوافع في محاولةٍ للفت النظر إليها من قبل الجهات المعنية لعلها تعمل جاهدة لمحاولة إستدراك الأمر.

إن تزايد عدد سكان المملكة في الأونة الأخيرة بسبب الهجرة القسرية من البلدان المجاورة وإحتكاك الأردنيين مع المهجرين على إختلاف أنماط تفكيرهم وأسلوب حياتهم قاد الشباب إلى الإحساس بالغربة عن الوطن وسلب حقوقه في سبيل توفير مأوى مناسب للمهجرين تمثل في إنصراف الكثير من المنشأت التجارية إلى تفضيل العمالة الوافدة عن العمالة الوطنية لأسبابٍ تتعلق بفروقات الأجور، ليس هذا فحسب، فهناك من عمل على إستبدال العاملين من أبناء الوطن بآخرين مهجرين وليس من حسيبٍأو رقيب. لذا فإن إستضافة المهجرين والعمالة الوافدة وهضم حقوق الأردنيين في العمالة يعد سبباً رئيساً في حالات الإنتحار وتزايد الجرائم.

كذلك تشكل الضغوطات النفسية التي يعيشها الشباب في أسرهم سبباً آخر في ظل قلة الوعي لدى الأهل بمتطلبات الشباب في عصر السرعة وإختلاف نمط العيش مقارنةً بالعقود الماضية حيث أبائنا عاشوا، حيث تتمثل حياة هولاء الشباب في ظل والدين منغلقين على ذواتهم بمفاهيم " العيب " و " العادات والتقاليد " و " السمعة " و هذا يجوز وهذا لا يجوز" بإطار قانون الأب بإعتباره السلطة الأولى والأخيرة على الأسرة.

أما فيما يتعلق بدور الحكومة بتزايد حالات الإنتحار وجرائم القتل فيبرز جلياً في الحالة الإقتصادية المتعثرة التي يعيش بها المواطن الأردني بكافة أشكالها بدءاً من غلاء الأسعار ومعدلات الدخول المتردية جداً، إلى حالات الإختلاس ونهب أموال الشعب من قبل المسؤليين، مروراً بتزايد معدلات البطالة بين أبناء الشعب المعدمين أصلاً، إنتهاءً بتزايد مديونية الأردن وتفاقم عجز الموازنة ومحاولة الحكومات تغطيتها من خلال الضرائب الباهظة التي تشكل عبئاً إضافياً على المواطن. كل تلك المعطيات تقود الشباب الى الدخول في مضمار اليأس جراء عدم تمكنهم من مواكبة الحياه فيفضل إما الإنتحار فينهي به مشقة حياته، أو قتل الغير ليلزم الحكومة بالانفاق عليه داخل السجون. 

وهناك أيضاً حالات فردية شخصية تقود الى الإنتحار أو تعزز دوافع القتل تتمثل في العلاقات العاطفية الفاشلة، أو في الطمع والجشع في موضوعات الإرث وغير ذلك.


الأمر يحتاج إلى معالجة جذرية بإخراج الشباب من قوقعة القهر وتمكينه من العيش الكريم فوق تراب أرضه، يحتاج إلى الإهتمام والعناية بعنصر الشباب ومحاولة الإرتقاء بهم بعيداً عن العيب وبعيداً عن استنزاف طاقاتهم ورواتبهم المتدنية في سبيل تأمين لقمة العيش للآخرين، يحتاج أن يشعر هؤلاء الشباب بأنهم أصحاب وطن وليسوا غرباء.



01‏/06‏/2014

الإستثمار في المواقع الدينية الأثرية

السياحة هي واحدة من أهم القطاعات الإقتصادية في المملكة لما يزخر به الأردن من مقومات سياحية عديدة، حيث عناصر الطبيعة والإستجمام الى السياحة العلاجية وسياحة الآثار الى السياحة الدينية المسيحية منها والإسلامية وغيرها الكثير.

ولعل السياحة الدينية تشكل عنصراً رئيساً يمكن توظيفة في خدمة الإقتصاد الوطني بشكل أفضل مما هو عليه الآن حيث أن ما هو مستغل لا يشكل واحد بالمئة من عناصر السياحة الدينية.

لست أعلم ما هي الدوافع وراء إخفاء المعالم السياحية وعدم الإكتراث بها وعدم تشغيلها ولو على مستوى السياحة الداخلية بأقل تقدير، لماذا تركز الحكومات على تغذية إيرادات الدولة بصورة مطلقة من جيب المواطن والوطن يمتلك ثروة حقيقة يمكن أن تدر الملايين على خزينة الدولة ؟؟ هل أن الهدف يكمن في إخفاء حضارة الأرض الأردنية والرغبة في إظهار الأردن بإطار محدد ؟؟

إن قدسية الأماكن الأثرية الدينية المسيحية منها والإسلامية لا تتقادم مع الزمن، فعبق المكان يشير على قدسيتها وقدسية أرض الأردن، تلك الأرض التي وطئها الأنبياء والرسل والقديسين والصحابيين، تلك الأرض التي شهدت على معارك إسلامية لها في القلوب ذكرى، تلك الأرض التي إعتمد في مياه نهرها السيد المسيح وباركها، تلك الأرض التي عاش في صحرائها الكثير من الرهبان والقديسين. لذا وجب الحفاظ على هذه الأرض المباركة وما تضم بين حناياها من الكنائس والمساجد الأثرية وأضرحة الصحابة ومقامات القديسين الأبرار وساحات المعارك والقصور الإسلامية.

إن إستثمار المواقع الأثرية الدينية يعود بالنفع على الأردن بمخلتلف الإتجاهات، حيث يتمثل الإتجاه الأول بإبراز قيمة الأرض الأردنية وتنوع الحضارات فيها لما يتمتع به الأردن منذ عصورٍ خلت بالموقع الإستراتيجي وتنوع عناصر الأمن والأمان على أرضه. أما الإتجاه الثاني فيبرز من خلال توزيع مشاريع التنمية على المحافظات والقرى بصوره تكفل تحسين مستوى معيشة السكان المحليين وزيادة الدخل لديهم. وفيما يتعلق بالإتجاه الثالث فإن إستغلال تلك المواقع سيعمل على زيادة المستوى الفكري لدى السكان من خلال التعامل مع سياح من مختلف أنحاء العالم. أما الإتجاه الرابع والأهم في إستثمار المواقع الأثرية الدينية يتجلى بالمحافظة على تلك المعالم وحمايتها من عبث العابثين والباحثين عن الدفائن ومن كل من تسول لهم انفسهم بالإلتجاء لتلك الأماكن لتكون وكراً لهم لتناول الخمور وربما المخدرات.

في الأردن المئات من المواقع الدينية المسيحية والإسلامية مهمشة دون إكتراث، ربما أن كلفة تأهيل تلك الأماكن قد تكون باهظة ولا تستطيع المرجعيات السياحية على توظيفها ، ولكن هل هناك ما يمنع من إستثمارها من خلال مستثمرين في القطاع الخاص بموجب إتفاقيات وتعليمات وانظمة وزارة السياحية والجهات المختصة ؟؟ الأمر الذي يقود إلى توظيف أموال هؤلاء في خدمة الوطن وحضارته بدلاً من ان تبقى أرصدة مودعة في البنوك، وهذا ما يقود أيضاً إلى إيجاد العديد من فرص العمل للشباب الأردني والتخفيف من نسب البطالة والجريمة المرتبطة بها والتي تزايدت في الأونة الأخيرة.